تعتمدُ الصِّحَّةُ الجسديّةُ والنّفسيّةُ لأَيّ شعبٍ أو جماعةٍ على مدى صحَّةِ وسلامة التّنشئةِ التّربويّة والأخلاقيَّةِ المتوفّرة لديها. فعلُ التّنشئة التّربويّة وحدهُ يمكن أن يقود الفردَ والجماعةَ إِلى نورِ المعرِفةِ والإدراك، ونموِّ الفضائل، وتخطّي مِحن الحياة. يقول الفيلسوف المربي واللآهوتي جون عاموس كومنينيوس A. J. Comnenius +1670 بأَنَّنا مُحمَّلون منذ الولادةِ ببذورِ المعرفةِ، والحياةِ الدِّينيّة، والأَخلاقيَّة، ولكن يجب أَن تُطوَّر بالسّلوكِ والتَّصرُّفِ البسيط، ولكن الأَكيد، الثّابت والرَّصين.

لقد لحَظَت التّنشئةُ، عبر العصور، تكوينَ شخصيَّةِ الإِنسان، بحسب خصوصيَّات كلِّ واحدٍ، ولكن بحسب التّطوّر الدّيناميكيّ المجتمعيّ أَيضًا، وتهيئة واستعداد المُنشِّئين، مِن خلال الإِنخراطِ الدّيناميكيّ للإِنسان في المجتمع. لهذا أدّت المدرسة دائمًا دورًا رئيسًا وجوهريًّا في كلِّ عصرٍ. وأَمَّا اليوم، ففي الإِطار الحالي لمجتمعٍ مبنيٍّ على المعرفةِ المعلوماتيَّة (معرفة المعلومة) والرَّقميَّةِ، والمُعرَّفَة نتيجةً للكفاءات التِّقنيّة، والموجَّهَة نحو الإِستشراف العمليّ pragmatism، يكون وحي التّنشئة فيه واحدًا ذا أهمِّيَّةٍ كبيرة. في هذا الأمر، هناك خطرُ أَن تكون التّنشئة مُقتصرةً على البُعد المعلوماتي والرّقمي. إِنَّ فعلَ التّنشئةِ لا يُمكنه أن يتلاشى، بمعنى أَنَّه مجرّد إيصال مجموعةٍ من المعلوماتِ والمهارات العمليّةِ للأطفال والشَّباب، بغضِّ النَّظر عن مستوى أَدائِه المرموق.

إنّه ليس من السّهل أَن نُعيد زراعة بذور الإيمانِ، والمحبَّة نحو الله والقريب في قلوبِ النَّاس، لذا، رجاؤنا أن نتمكّن معًا من وضع أساس عالمٍ تسوده مبادئ الحياة الإِيمانيَّة والأخلاقيَّة-السُّلوكيَّة، حيث توجدُ الكرامةُ الإِنسانيَّةُ، والشَّرف والإِخلاصُ، والصِّدق.

لذلك ...

ومن أجل توفير تنشئةٍ صحيحةٍ، وحقيقيّةٍ، مليئةٍ بالقِيم الرّوحيّة والأخلاقيَّة ينظّم مركز الدّراسات المسكونيَّة برنامجًا أكاديميًّا للتَّنشئة اللاهوتيّة والمسكونيَّةِ للرّاغبين في الِمنطقة، حيث يقدِّمُ وسيلةً مفتوحةً لتعلّم اللاهوت والتّعرفِ على خصائص التِّنشئةِ المسيحيَّة، إضافة إلى كشفِ تاريخ الكنائسِ في الشّرق ونشاطها الرّعوي.

أَهدافُ البرنامج

لا يمكن إدراك أبعاد ومساحات هذا التّوجُّه بدون توفُّر العناصر التَّالية: