مقدِّمة

تُعتبرُ الأُمّيَّةُ في عصرِنا الحاضِر إِحدى الإِشكاليَّات الرَّئيسة الَّتي تواجه البشريَّة، ويُعَدُّ القضاءُ عليها أَحد التَّحديَّات الرَّئيسة الَّتي تواجه المجتمعات الدَّوْليَّة والمحلِّيَّةِ في القرن الحادي والعشرين.
فالاعترافُ بالكرامةِ الإِنسانيَّة وحقوقِ الإِنسان هو أَساسُ الحرِّيَّةِ والعدالَةِ والسَّلامِ العالميّ، والقضاءُ على الأُمّيَّةِ جزءٌ لا يتجزّأ مِن هدفِ تحقيق السَّلام والحرِّيَّة والإِنماء. وهذا ما أَكَّدته المادَّة 26 مِن الإِعلان العالميّ لحقوقِ الإِنسان الَّتي نَصَّتْ على أَنَّ: " لكلِّ شخصٍ الحقّ في التَّعليم الَّذي ينبغي أَن يكونَ مجانيًّا وإِلزاميًّا في مراحِله الأَساسيَّة ".
وينبغي أَن يهدف التَّعليم إِلى إِنماءِ شخصيَّة الإِنسان إِنماءً كاملًا، وإِلى تعزيز احترامِ حقوق الإِنسان وحرِّيَّاتِه الأَساسيَّة بالإِضافة إِلى إِنماء مفاهيم التَّفاهمِ والصَّداقة بينَ جميعِ الشُّعوب.

ويُشارِكُ عددٌ مِن المنظَّمات غير الحكوميَّة بشكلٍ متزايدٍ في تنفيذِ المشاريع الإِنمائيَّة المحلِّيَّةِ في جميعِ أَنحاء العالم. ويُتيحُ الإِنماء فُرَصًا جديدةً تؤدِّي بالتَّالي إِلى زيادةِ الحوافز المشجِّعَة على التَّعليمِ ومكافحَةِ الأُمّيَّة. ولذلك، فإِنَّ مكافحَةَ الأُمّيَّةِ تُعَدُّ عنصرًا هامًّا جدًّا في عمليةِ الإِنماء والتَّقدُّمِ لأَنَّها تتيحُ للإِنسان فهمَ عددٍ مِن القضايا، والمساهمَةَ الفاعِلة في حلِّ الإِشكاليَّات الَّتي تواجِه مجتمعاتنا اليوم.
في العالم العربيِّ اليوم، أَثَّرت الأَزمات الاقتصاديَّةُ على إشكاليَّة محو الأُمّيَّة في معظم الدُّول العربيَّة. وتؤكِّد لنا الإِحصاءاتُ اليوم أَنَّ نسبةَ الأُمّيَّة في العالم العربي آخذةٌ في الازدياد (29,2% في سوريا، 16,8% في الأردن، 48,6% في مصر). وتبلغ النِّسبَة العامَّة للأُمّيِّين في الدُّول العربيَّة 43,4% من إجمالي البالغين. كما أَظهرت الإِحصاءاتُ أَنَّ 70% من المتعلِّمين هم من النِّساء في معظمِ الدُّول العربيَّة.
وقد دفَعَ هذا الوضعُ مركزَ الدِّراسات المسكونيَّة إِلى إِنشاء البرنامجِ المسكونيّ للتربية الشَّعبيَّة ومكافحة الأُمّيَّة لوضعِ استراتيجيَّةٍ وطنيَّةٍ وإِقليميَّةٍ من أجل الوصولِ إِلى عددٍ كبيرٍ من الأُمّيِّين. وتعني هذه الإِستراتيجيَّةُ تنسيقًا كبيرًا مع العديدِ مِن المنظَّمات غير الحكوميَّة والمنظَّمات الحكوميَّة في الأردن، وكذلك َفي العديدِ من الدُّول العربيَّة الَّتي تَعي هذهِ الظَّاهرة.

قبل عرضِ وتقويم البرنامجِ المسكونيّ للتَّربية الشَّعبيَّة ومكافَحة الأُمّيَّة يتبادر إِلى الذهن قول الفيلسوف كونفوشيوس:

”إذا كنتَ تُخطِّط لسَنةٍ، فازرَعْ بذرةً...
وإذا كنتَ تُخطِّط لعشر سنواتٍ، فازرعْ شجرةً...
وأَمَّا إِذا كنتَ تخطِّطُ لمائة سنَةٍ، فعلِّمِ النَّاسَ“.

فلسفةُ البرنامج

يقومُ البرنامجُ على حقيقةِ أَنَّ الأُمّيِّينَ ليسوا جَهلَة. فلديهم فلسفتُهم ورؤيتهم الخاصَّة في الحياة، وهُم على دِرايةٍ بجميعِ جوانب الحياةِ وقضاياها. علاوةً على ذلك، لديهم القدراتُ والمقدرة على القيامِ بالعديدِ مِن الأَنشطةِ بفعالية. لذلك، هناك حاجةٌ لتوظيفِ المعرفَة الَّتي يمتلكونها بالفِعل في العمليَّة التَّعليميَّة، والَّتي هي في الأساس عمليَّةُ تفاعلٍ وليسَتْ عمليَّةَ إِملاء.

منهجيَّةُ البرنَامج

يستهدفُ البرنامجُ إِشكاليَّةَ مكافحَةِ الأُمّيَّة بين الكبارِ مستندًا في أَهدافه إِلى ربط التَّعليمِ بالحياةِ الواقعيَّةِ من خلالِ العمليَّات التَّعليميَّةِ الآتية:
أ‌. قيام كلِّ مجموعةِ حوارٍ (مجموعةٌ دراسيَّةٌ) بمناقشةِ مشكلة مقترَحة من الدَّارسين من خلالِ الحوار ومناقشةِ الأَسباب الكامنةِ وراء المشكلة المقترَحة.
ب‌. اِستعراضُ تجاربهم ومحاولاتهم في محاولةِ حلِّ المشكلة، وإِيجادُ حلٍّ مناسب لها يتوافَق مع قدراتهم.

ويؤكِّد البرنامجُ على أَنَّ المسؤولَ عن عمليَّةِ التَّدريس ليسَ المعلِّم، وإِنّما منسِّق الحِوار، وهي فكرةٌ نابعةٌ من الإِيمان بأَنَّ البرنامجَ لا يعتمدُ على أسلوبٍ تعليميٍّ نمطيٍّ، وإِنَّما يعتمدُ على القُدرات الإِبداعيَّة للمُنسِّق.
لذا، يقوم البرنامجُ على مفهومِ الوعي وسيلةً لتحريرِ الأُمّيِّ والتَّوفيق بينه وبين واقعِه ليصبِحَ أكثر مسؤوليَّةً وفاعليَّةً في مجتمعه وبيئتِه. ويأخذ البرنامجُ شكلَ الحِوار مع المتعلِّمين كمجموعاتٍ وأَفراد، لممارَسة قِواهم العقليَّةِ بطريقةٍ أكثر فاعليَّةً تؤدِّي في النِّهاية إِلى تغيِّير حياتهم إِلى الأَفضل.

أَهدافُ البرنامَج

توعيةُ النَّاس بطريقةٍ تمكِّنُهم مِن فهمِ العالَمِ الَّذي يَعيشونَ فيه، ومن تَحليلِه والعَملِ على تغيِّيره نحو الأفضل.

مُساعدةُ الأُمّيّ لتمكينِه من:

يهدفُ البرنامجُ بشكلٍ أكثر تحديدًا إِلى:

1. إيجادِ حافزٍ لتشجيعِ النَّاسِ على التَّعلُّمِ مِن خلالِ جعل التَّعليم جزءًا لا يتجزّأ من حياتهم.
2. اكتسابِ وعيٍ جديدٍ بالأَشياء، وطريقةٍ علميَّةٍ للتَّفكيرِ، وحلِّ مشاكلهم مِن خلال الحِوار.
3. استخدامِ عِلْمِ الأَّصواتِ في مجموعاتِ الحِوار، حيثُ يتمُّ تقسيمُ الكلماتِ إِلى مقاطِعها الصَّوتيَّة، وتعليمِ الأُمّيِّين شكلَ كلِّ حَرْفٍ (دونَ تعليمهُم أَسماء الحُروف). يتمُّ التَّركيز على الصَّوتِ بشكلٍ كبير، وفي هذا الصَّدد يكتسِبُ المتعلِّمونَ مرونةً في اكتشَافِ عددٍ مِن الكلمات مِن خِلال الصَّوت. لذلك مِن الهامِّ جدًّا أَن يكتسبَ المنسِّقُ نفسُه القدرةَ على الإِصغاءِ لاكتشافِ خبُرات وقُدرات كلِّ متعلِّم من المتعلِّمين.

مراحِلُ البرنامَج
يتكوَّن البرنامجُ مِن مرحلَتَيْن رئيستَيْن:

المرحلةُ الأُولى تُزوِّدُ الدَّارسينَ بأَساسيَّات القِراءَةِ والحِساب، بينما المرحلةُ الثَّانية تُهيِّئُهم للتَّعبيرِ عن أَنفسهِم كتابةً، وتعليمُهم أَساسيَّات قواعدِ الُّلغةِ العربيَّة، مع التَّركيز على الفَهْم القِرائيّ.

ومِن خلالِ تَنفيذ المرحَلتَيْن المذكورتَيْن أَعلاه يهدفُ البرنامَجُ إِلى:

1. إعدادِ المتعلِّمين للبَدْءِ بالعمليَّةِ التَّعليميَّة الَّتي تعتمِدُ على عَددٍ مِن العوامِل مثل:
أ. الرَّغبةُ في معرفَةِ كيفيَّةِ القراءة.
ب. الخبرةُ الَّتي تسمَحُ بفهمٍ واسعٍ للمفردات.
ج. القدرةُ على التَّفكيرِ بوضوحٍ، والتَّركيزِ الكامل.
د. القُدرةُ على التَّميِّيز بينَ الأَصواتِ والأَشكالِ، وشَرح الصُّوَر.

2. تكوينِ عاداتِ القِراءَة الأَساسيَّة للوصول إِلى الحدِّ الأَدنى مِن مستوى القِراءة الَّذي يعتمدُ على تنظيمِ وتَخطيطِ وعَرضِ الموادِ التَّعليميَّة.

3. الطَّلاقةِ والسُّرعةِ في القِراءةِ الَّتي تعتمدُ على:
أ. صَقلِ المهاراتِ الأَساسيَّة للمتعلِّمين.
ب. تَشجيعِ الاعتمادِ على الذَّاتِ في القِراءَة.

4. الوصولِ إِلى مستوًى ناضجٍ في القِراءة، وهو المستوى التَّعليمي الَّذي يمكِّنُهم مِن التَّحرُّرِ من الأُمّيَّة، ومِن ثُمَّ يتحوَّلُ ذلك إِلى رغبةٍ في إِتقانِ القِراءَة واستخدامِها وسيلةً لتمضيةِ الوقتِ وزيادَةِ المعرفة.

5. التَّأكيدِ على أَهمِّيَّةِ الحِرَفِ اليدويَّة (الخياطة والتَّدريبِ المهنّي والفنيّ) والتَّثقيفِ الصِّحيِّ، ومشاريعِ الإِنماء المُدِرَّةِ للدَّخل.

نظامُ التَّدريب

- يتمُّ التَّدريبُ في مجموعاتِ تدريبٍ صَغيرةٍ متتالية.
- وتكونُ مُدَّة الدَّورةِ التَّدريبيَّة الأولى 4-5 أَيَّام.
- يجبُ أَن يعتمدَ التَّدريب في مراحلِه اللَّاحقةِ على الحِوار.
- يتمُّ تعيِين منسِّقٍ لمجموعتَيْن تدريبيَّتَيْن على الأَكثر وِفقًا لقدراتِ كلِّ منسِّق.
- تجتمعُ المجموعاتُ لمدَّةِ ساعتَيْن لِثلاث أو أَربع مرَّاتٍ في الأُسبوع.
- يتمُّ تشجيعُ المنسِّقِ على توفيرِ علاقةٍ ودِّيةٍ بين المتعلِّمين خارج نِطاق مجموعةِ العمل (الزِّيارات والمشاركةُ في الاحتفالاتِ الاجتماعيّة والنّزهات إِن أَمكن).

طُرقُ التَّدريس

1. المناقَشة: تتمُّ مناقشة مواضيع مختلِفة مِن حياة المتعلِّمين حيثُ يتمُّ تكريسُ وقتٍ في كلِّ جلسةٍ لإِيجاد الحلولِ المناسِبة للمشاكِل لدى المتعلِّمينَ مِن خلالِ الحوار.
2. الحوار: مِن أَجل فَهم هذه الموضوعات، حيث يشتركُ جميعُ المتعلِّمين في دراسةِ أَسباب المشكلةِ المطروحَة، ومحاولة إِيجاد الحلولِ لها.

3. تقديمُ كلمةٍ تتعلَّق بالموضوعِ الَّذي تتمّ مناقشَته
تحليلُ الكلمَةِ مِن أجلِ مَعرفَةِ:
أ. الحروفِ الجديدَة.
ب. كيفيَّةِ نطقِ الحُروف في الكلمة (الَّتي تعتمدُ عليها طبيعةُ المادَّة المقروءَة).


مِن وجهةِ نظرٍ تعليميَّةٍ، يعتمدُ البرنامج على عِلم الأَصوات (Phonetics)، حيثُ يتمُّ تعليم المتعلِّمين كيفيَّة تقسيمِ الكلمَة إِلى مقاطعَ صوتيَّة، ثُمَّ الانتقالُ إِلى مرحلةِ تعليمِهم أَشكال الحروف.

تتمُّ عمليَّةُ التَّعليمِ وِفقًا للمفهُومِ التَّنظيميّ للتَّعلُّمِ، والَّذي يؤكِّدُ على أَنَّ شخصيَّةَ كُلِّ شخصٍ هي نتاجُ تفاعُلهِ مع البيئَة المحيطَة به. غيرَ أنَّ هذا التَّفاعل يتطلَّبُ:
أ. قدرةَ الفردِ على الابتكارِ واستخدامِ الأَفكارِ الإِبداعيَّة.
ب. اعتبارَ التَّعليم عمليَّةً ”إِنمائيَّةً“، وأَن يكونَ نتاجَ الابتكارِ والنُّضجِ، والتَّفكيرِ المُميَّزِ غيرِ المعتمدِ على التّكرار.
ج. الإِيمانَ بأَهمِّيَّةِ قدراتِ الأفرادِ الذِّهنيَّة (التَّفكيرُ والاستدلال).
د. اكتسابَ مهاراتٍ مفيدَة وواقعيَّةٍ تتعلَّق بالأَنشطةِ العضويَّة للأفراد.
ه. أَهمِّيَّةَ نقدِ الاتِّجاهات الَّتي هي نتاجٌ ثانويٌّ لاكتسابِ المهاراتِ والمعارِفِ الجديدة، بالإِضافةِ إِلى الاهتمامِ بعناصر أُخَر مثل: المعلِّمِ والمتَعلِّمِ، والبيئةِ المحيطَةِ، والوقتِ اللازم. فالفردُ يتأثَّرُ بالبيئَةِ الَّتي يعيشُ فيها ويؤثِّر فيها في آنٍ واحد؛ لذا، يجب الاهتمام بتكوينِ الاتِّجاهات الجيِّدة والإِيجابيَّة مثل :
- الرَّبطُ بينَ الأَسبابِ والآثار.
- الحُكمُ دون تَحيّز.
- النَّظرُ إِلى الأمورِ بموضوعيَّة.
و. اعتبارَ الوظائفِ الاجتماعيَّةِ مركزَ عمليَّة التَّعلُّمِ باعتبارِ أَنَّ الوظيفةَ الأولى للتَّعلُّمِ هي المساعدةُ على عيشِ حياةٍ أَفضل.

والجديرُ بالذِّكر أَنَّه كان هناك ميلٌ للتَّعاملِ مع الوظائف التَّالية:
1. كيفيَّةُ مراقبَةِ صِحَّة الفَرد.
2. الوقايةُ مِن الحَوادثِ والأَمراض.
3. معرفةُ المدينة الَّتي يعيشُ فيها المرء، ووضَعها بالنِّسبَة للمدن الأُخَر.
4. التَّاريخُ والطَّبيعةُ ومواردها.
5. كيفيَّةُ العثورِ على وظيفَة.
6. المسؤوليَّةُ والالتزام المدنيّ والمجتمَعيّ.
7. العَلاقاتُ الأُسريَّة.
8. الأَنشِطَةُ المُدِرَّةُ للدَّخل.
ز. المساعدةَ في تَحسين نوعيَّةِ الحياة، حيث يكتسبُ جميعُ المتعلِّمين الشُّعورَ بالثِّقةِ بالنَّفسِ، ويتمُّ تعليمُهم كيفيَّةَ التَّعاملِ مع النَّاس، بشكلٍ عامٍّ، وتحسينِ وضعِهِم المعيشيّ.

المتابعَة

يُشجَّعُ المنسِّقُ على تكوين علاقاتٍ ودِّيةٍ مع المتعلِّمينَ خارجَ سِياق مجموعةِ الحِوار الَّتي يتابِعُ عمَلها فريقٌ يتمُّ تشكيلُه لهذا الغَرض، والقَيام بالأَنشطةِ التَّالية:
1. الرَّبطُ بينَ المُنسِّقينَ المختلفين.
2. العملُ على تَشجيعِ المنسِّقينَ وتقديمُ المساعَدة الفنيَّة الَّتي قد يحتاجونَ إِليها.
3. قيامُ كُلِّ عضوٍ مِن أَعضاء فريقِ المتابَعة بزياراتٍ دوريَّة من 5 إِلى 10 مجموعَات.
4. عقدُ اجتماعٍ دوريٍّ شهريٍّ للمنسِّقين لمناقَشة نِطاقِ وسَير عملهم، وتزويدُهم ببعضِ التَّدريبات، ومناقشةُ المشكلات المتعلِّقة بالدَّارسين، وتبادل الخبرات والمعلومات.
5. عقدُ مجموعتَيْن دراسيَّتَيْن للمنسِّقينِ في السَّنة مِن أجلِ تعميق فَهم مفهومٍ تربويٍّ جديدٍ.

وأَخيرًا ...

يُعتبرُ الحــــِــوارُ الوسيلةَ التَّربويَّةَ الأَكثرَ فاعليَّةً لتوظيفِ وعي المتعلِّمينَ فيما يتعلَّقُ بالعالَمِ الَّذي يعيشونَ فيه، وتغيِيرهِ بِما يَضْمَنُ تَحقيقَ إِنسانيَّتِهم. لذلكَ، مِن الهامِّ التَّأكيد على أَهمِّيَّةِ الحِوارِ عند إِعدادِ ومُتابَعةِ المنسِّقين.
فَمِن خِلالِ مُكافَحةِ الأُمّيَّةِ يَشعُر الإِنسانُ بالتَّحرُّرِ مِن القيودِ الَّتي تَمنَعُه مِن المشَاركَةِ الفاعلِة في التَّخطيطِ لمستقبَلِه ومستقبلِ البيئَةِ الَّتي يعيشُ فيها. فالأُمِّيُّونَ لا يعيشونَ على هَامشِ الحياةِ معزولينَ عن المجتمعِ والتَّاريخ، بل هُمْ أُناسٌ لهُم وجودٌ بسيطٌ، ولهُمُ الحقُّ في المشارَكَةِ الواعيَةِ في تشكيلِ المجتَمع. وبعبارةٍ أُخرى، يجبُ أَن يبدأوا في تأدية دَورِهم في نَقْدِ حياتِهم (التَّاريخيَّة والثَّقافيَّة) مِن خِلالِ الحِوار الَّذي يُنمّي الإِيمانَ فيهم وفي الآخرين، وبقدراتِهم على إيجاد وتشكيلِ العالَمِ الَّذي يعيشونَ فيهِ بحرِّيَّةٍ وبدون خوف.

“ إِنَّ البرنَامجَ المسكونيَّ للتَّربيَةِ الشَّعبيَّةِ ومكافَحةِ الأُمّيَّةِ لا يكتَفي بتعليمِ النَّاسِ القِراءَةَ والكِتَابةَ فحَسْب، بل يعتبرُ التَّعليمَ وسيلةً لتحريرِ الأُمّيِّينَ والتَّوفيق بينَهم وبينَ واقِعهِم، وعلاجَ اغترابِهم عن طريقِ المعرِفَةِ العِلميَّةِ واستخدَامِ الوعي في أنَّهم بشرٌ مثلهم مثل غيرهم ”

(المطران الأستاذ الدَّكتور قيس صادق).